الأربعاء، 10 أغسطس 2016

هل هذا إعلان عن فشل الحكومة؟

اختتم يوم أمس في العاصمة مقديشوا المؤتمر الثاني التشاوري الذي اجتمع فيه قادة الحكومة الصومالية الحالية ورؤساء الادارات المحلية وممثلين من المجتمع المدني، مع حضور مراقبين دولين.
وقد صدر البيان الختامي للمؤتمر المكون من عشرة بنود، الذي حمل في طيات مضامين تحتاج إلى وقفة متأنية حولها، وقد كان البيان بمثابة إعلان عن فشل الحكومة الحالية للمهام التي قيل أنها سوف تسعى إلى تحقيقها في حول 2016م، وهي أن تمهد لوصول البلد إلى ظروف تمكن مشاركة الجماهير في الانتخابات، فردا فردا، إلا أن البيان أعلن وبكل وضوح استحالة ذلك.
والملفت للنظر أن المتشاورين أحالوا قرار  تحديد الخيار البديل إلى الحكومة الاتحادية، والادارت المحلية، وممثلي المجتمع المدني، والسؤال هنا كيف يمكن أن يتفق هؤلاء على رؤية مشتركة فشلوا فيه سابقا، أو عجزت عنه الحكومة تحقيقه منذ أربع سنوات كاملة.
وكان من البنود ذات الاهتمام الخاص بند يتعلق بعقد مؤتمرات تشاورية في الأقاليم تناقش: كيف يمكن عقد الانتخابات بحول 2016م، لتجاوز هذه المرحلة؟ فكيف يمكن عقد مؤتمرات في جميع الأقاليم في الظروف الأمنية الصعبة، واشتداد الانقسامات، وقلة الفترة المتبقية من 2016م، فما بقي إلا القليل من الوقت، وهذه الشهور الباقية ليست كافية لانعقاد كل تلك المؤتمرات.


لماذا لا يمكن عقد الانتخابات 2016م.
1.       فشل الحكومة في إحكام سيطرتها على كافة الأقاليم، بل وفشلت في بسط الأمن في أحياء العاصمة، وتم استهداف أهم المقرات الحيوية بما فيها القصر رئاسي.
2.       الفشل في الاستغناء عن القوات الأجنبية الرابضة في العاصمة وبعض المناطق الأخرى، فالأمن الدولة في يد أميصوم، ولم تتمكن الحكومة بناء جيش وطني قادر على ضبط الأمن في ربوع الوطن.
3.       عدم وضوح رؤية مشتركة يمكن الانطلاق منها أو البناء عليها لتجاوز المرحلة.

تخوفات من المستقبل
ويبدي بعض المراقبين المستقلين ورؤساء الأحزاب الصومالية تخوفات عن الوجهة التي تتجه الأمور إليها، والمستقبل القاتم التي تقبل به البلاد، فقد كان يتردد على ألسنة الناس في السنوات الأخيرة، هل البلاد مقبلة على الوصاية الدولية، لأن كل التحركات الحالية تثير شكوك الشعب، وعدم الرضا عن كيفية إدارة الخلافات.
ويتساءل الشعب الصومالي إذا كان لا يمكن تنظيم الانتخابات، وليس هناك رؤية موحدة حوله البديل الممكن، وإذا كان الأمن خارج السيطرة، ولا يمكن أن يجتمع قادة الوطن إلا في مجمع حلنى المحصن، وبحراسة أمنية مشددة من قوات أجنبية، ويحرس الرئيس من شعبه، ولا يأمن على نفسه منه، فما ينتظر الشعب من قادته التي تلك حالها؟
ويرى أحمد معلم فقهي الأمين العام لحزب دلجر أن إجراء مؤتمر وطني تشاوري حول مستقبل البلاد أمر إيجابي في مجمله، إلا أن حيثيات وقوع المؤتمر ينبئ عن أن سيادة الصومال في خطر، فقد تم جَمع المؤتمرين في خيمة في مجمَّع حلني الذي هو مطبخ السياسة الصومالية ورمز الوصاية على البلاد، كما تمَّ تغيير العلَم الصومالي الذي يرمز إلى وحدة واستقلال البلاد(1).

وقال فقهي في مقابلة أجرى معه مركز مقديشو للبحوث والدراسات سابقا، قال بالحرف الواحد: إذا نظرنا إلى استحواذ الحكم من قبل بضعة أشخاص، وعندهم القرارات السياسية ويفرضون الآخرين عليها، إضافة إلى تدخل دول الجوار في الشأن الصومالي بما يحقق مصالحهم في تفكيك الصومال وتمزيقه، فإننا نتشاءم ونشعر بخيبة الأمل، ونحن أمام وصاية جديدة من قبل دول ليست صديقة، ولا تربطنا بها مصالح كبيرة(2)، وهي حقيقة مرة، ولكن الحقيقة المرة خير من ألف من مرة من الوهم المريح.
وتلك كارثة تزيد الشكوك حول مستقبل البلاد، وكيف ستبدوا الصومال سنة 2016م، وليس أحمد معلم فقهي أول من أطلق التخوف في سيادة البلاد، أو قال أن الصومال في طريقها إلى الوصاية، بل كتب السفير  والرجل المجرب للسياسية الصومالية منذ الستينات مقالا باللغة الصومالية نشر في الانترنت يحمل العنوان "فكر  عن الصومال إذ يتم وضعها تحت وصاية إيغاد بحلول 2016م"، وقد عبر في هذا المقال عن تصوره للوضع، ومستقبل البلاد، وأوضح أن الاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي لن يظلا مكتوفي الأيدي إذا ما فشلت الحكومة في تنظيم الانتخابات المزمع عقدها في 2016م، ثم قام بافتراضية خيالية لكيف تبدوا الأوضاع وماذا ينتظر الصومالين اقرأ المقال باللغة الصومالية من هنا
وكتب محمود موسى مقالا باللغة الصومالية تحت عنوان: الصومال في 2016م، أوضح فيه الظروف الحرجة التي تعيشها البلاد، وخوفه عن مستقبل البلاد وسيادته (https://sanaag.so/soomaaliya-2016/ )

أين المخرج:
إذا كانت البلاد مقبلة بهذا الخطر الداهم فما عسى بنا أن نفعل نحن الصومالين، لأن المشكلة مشكلتنا، والحل الناجع لا يأتي من الخارج وإنما بأيدي أصحاب القضية وحدهم، فإذا لم يشعر الصومالين صعوبة المرحلة التي يواجهونها، ولم يقدموا المصالح الشخصية، والقبلية والحزبية، والمناطقية، جانبا، ويتجردوا من كل التأثيرات الأخرى، ولم يجلسوا بكافة مسمياتهم وتشكيلاتهم وقبائلهم، في طاولة المفاضات، ويتكاتفوا في إنقاذ وطنهم، إذا لم يفعلوا ذلك ولم يضطلعوا تلك المسؤولية التاريخية لحفظ الوطن، فإنهم يخسرون قضيتهم، ويعضون أنامل الندم بعد فوات الأوان.

عندما تسقط الدول وتدخل في مرحلة مظلمة من الفوضى، وأرادت أن تخرج من هذه المرحلة فإن هناك طريقان لا ثالث لهما:

أولا: إما أن تأتي دولة عظمى وقامت بنزع السلاح بقوة من أيدي الجماعات المسلحة، وتتيح لأهل البلاد حرية اختيار طريقها بعد الاستقرار، وتكون هذه الدولة مرتبطة مع الدولة المنهارة بروابط العقيدة أو المصالح، ونحن الصوماليين فقدنا ذلك النصير فكل أشقائنا العرب، وعالمنا الاسلامي برمته، منشغل بنفسه، وألهته هموم كل بلد عن هموم باقيه، فما عاد الجسد يتألم لألم عضو منه مقصوص، فالكل يغرق في بحور من الهموم الداخلية، ومكبل بسلاسل من القيود تمنعه من التفكير خارج حدوده المصطنعة.

ثانيا: إما أن يقوم عقلاء تلك الأمة التي انهارت دولتهم، ويتصالحوا فيما بينهم، ويجمعوا أمرهم بينهم، وقرروا أن يتصافحوا، ويفتحوا صفحة جديدة من حياتهم، ويبنوا مستقبلهم بأيديهم، فيصلح حالهم.
وللأسف لم نتمكن من هذا، وما زلنا نفكر بعقلية قبلية مناطقية حزبية بغيضة ضيقة، نتقاتل ونتشاجر لأوهى الأسباب، وأتفهها.
ولكن مازال الوقت ممكنا، والفرصة مواتية، إذا خلصت النيات، وسلمت النفوس، وتجردنا من المصالح الآنية القاصرة على الشخص والقبيلة أو المنطقة أو الحزب، إلى إعلاء المصالح العامة للأمة.
والله أسأل أن ينقذ بلادنا من كيد كائدين، وحقد حاقدين، ويلهمنا الصواب في القول والعمل، ويؤلف بين قلوبنا، ويجمعنا على ما فيه صلاحنا.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق