الخميس، 11 أغسطس 2016

كسمايو... من الداخل(1)!

هذه المدينة الواقعة على ساحل المحيط الهندي، لها ميناء ومطار دوليين، وتقع في منطقة خصبة وغنية، يمكن أن يعيش فيها 45 مليون إنسان! مما جعلها مطمع كل طامع حتى يأخذ من الكعكة نصيبه، وهي العاصمة الثالثة فيما كان يعرف بجمهورية الصومال، بعد مسرحية الاستقلال.
كانت مسرح أحداث صراع دام ودائم طيلة أكثر من عقدين من الزمن – وكنت شاهد عيان في عقدها الأخير – منذ سقوط النظام الاشتراكي 1991م.
ولقد حكمتها أنظمة متنوعة كان أغلبها يتسم بالطابع القبلي حتى سقطت تحت حكم المحاكم الإسلامية عام 2006م، ونستطيع أن نقول بأنها المدينة الوحيدة التي وقعت فيها مظاهرات منددة ومعارضة للمحاكم الإسلامية – فيما أعلم – وتلك سوءة وعار على جبين الكسماويين.
في أمسية من الأمسيات كنا في أحد المقاهي، فقال أحد الحاضرين: نسأل الله أن يزيل هذا النظام ويغيره، فإنه فعل كذا وكذا، يعدد مساوئه{وكان يعني حكم الشباب}
فقال آخر: هل لا قلت: اللهم أبدله بنظام خير منه!

وبعد طول مراجعات خلصوا إلى أن أهل المدينة لا يعرفون هذا الأسلوب، فمن طبائعهم معارضة الأنظمة القائمة، والحنين إلى تغيير!!! نكرة.
ومن أكثر ما يشجع هذا الاتجاه التركيبة القبلية للمدينة، حتى إن أحيائها موزعة قبليا، فتسمع أن الحي الفلاني أكثر القاطنين فيه من قبيلة بني فلان، مما يجعل همَّ كل قبيلة أن تقوم بالمرصاد لكل نظام لا ترى فيه مصالحها القاصرة.
لذا يصاب الإنسان الذي يعيش فيها حالة من التوتر وفقدان التوازن، لشدة ما يتصدى لبصره وسمعه من أخبار ومناظر متناقضة، لأن الكل يحدثك حسب ما يهواه هو، فهناك صحف يومية غير مقروءة، يصدرها مجهولون، وينقلها المتسوقون والمتجولون، وكل صحيفة مسوَّمة باسم قبيلة.
والغريب كذلك أن هذا الحرب قائم ومشتعل في ميدان آخر، ميدان "النت" أو الشبكة العنكبوتية، بحيث تروج كل شبكة أخبار الاتجاه الذي تؤيده، بل تجد بعض الأحايين أخبار مفبركة لا حقيقة لها توضع في الشبكات بلا حياء ولا تذمم.
لكن المحزن الذي يجرح قلوب المشفقين لأمتهم، أن هذه الأكاذيب التي تعج في الساحة هي أخبار تزرع الأحقاد والإحن بين المجتمع، وتسعى لتلغيم الأرض حتى تتفجر براكين الحرب الأهلية من جديد.
لا جرم هناك أيدي خفية وراء الأستار تسعى جاهدة لتأجيج نار الحرب، ليتحقق لها ما تريده من إزهاق طاقات الأمة فيما لا طائل وراءه، ولكي لا تفيق من الغفلة والغيبوبة، فترميه بسهم واحد؛ إنه ذلك الثعلب الذي برز على دثار الأطباء مكرًا وخداعًا، وجاء الغنم كله على غفلة يطلب من الثعلب الدواء!!

مخطئ من ظن يوما                                        أن للثعلب دينا!

الكل يلهث وراء السراب الذي يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، لأنه لم يكن حقيقة! وأخيرا – أخي القارئ المحترم – لا يستفزنّك إبليس بخيله ورجله، فإنه أخذ عليك حملة لا تبقي ولا تذر، لواحة للأبصار، مذهلة للعقول، تجعل كل ما أتت عليه كهشيم المحتظر، ولا تنس قول الله(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) آل عمران: 100.
وقول الله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِين) آل عمران: 149

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق